الأم المتفرغة وسعادة الأسرة

0



إذا حالت الظروف دون قيام المرأة بدورها كأم مع مسئوليتها كإمراة عاملة فقد تأخذ قرارها بالتفرغ لرعاية أبنائها، هذا القرار الصعب الذي تتخذه بإرادتها يترك بصماته عليها وقد يعرضها لضغوط نفسية لشعورها بافتقادها لدور كانت تحلم أن تحقق فيه الكثير كامرأة عاملة، أو يدفعها للاستسلام للقيام بدور الأم شكل روتيني ربما لا يفيد أبناءها بالقدر الذي قبلت التضحية من أجله، والنماذج التي خاضت التجربة توضح ذلك: تقول داليا – أم لطفلين في الثامنة والرابعة ولا تعمل: من الصعب أن أشعر بتقديري لذاتي وأنا في مجتمع يمدح ويقدر طوال الوقت المرأة العاملة، وأشعر أحياناً بالحرج عندما أقابل سيدة تستطيع أن تحقق التوازن بين عملها وبيتها وأطفالها.

في حين تقول غادة – أم لطفلين في الخامسة والثانية: بالرغم من أنني مقتنعة تماما بأن ما أقوم به هو الأفضل لأسرتي وفخورة بذلك، إلا أنني أجد نفسي مضطرة أحيانا لتبرير حصولي على أجازة بدون مرتب لرعاية صغاري، خاصة إذا كان الحوار مع أم عاملة وتسألني إن كان قراري بالبقاء في البيت كان قرارا سليما أم لا؟

د. محمد سمير عبد الفتاح أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس يقول إن التوقف عن العمل مع التخلي في نفس الوقت عن الاهتمامات هو السبب الرئيسي وراء شعور الأم المتفرغة بالحزن والاكتئاب، وأن أغلب الشكاوي الشائعة للأمهات المتفرغات لها علاقة بالوحدة والعزلة والشعور بعدم تقدير الذات.

لذا فهو يرى أن أفضل طريقة للإجابة عن سؤال "ما هو عملك؟" هي أن تجيبي بكل فخر وثقة "أنا أم متفرغة" فأنت لا تحتاجين للاعتذار أو التبرير، وبذكر عملك الذي تقومين به ببساطة وبشكل مباشر فأنت تعكسين تقديرك لذاتك ولأبنائك وثقتك بنفسك، ولا يجب أن تهتمي بعدم فهم الاخرين.

بعض الأمهات المتفرغات تجعلن حياتهن تدور حول الأعمال المنزلية فقط ويعتبرن ذلك الأفضل لأطفالهن، لكن التعرض للضغط النفسي بسبب الروتين قد يجعلها تفقد الرغبة والطاقة لفعل أي شيء مما قد يؤثر على علاقتها بأطفالها.

وهناك أمهات متفرغات أخريات قد لا تضيعن كل وقتهن في الأعمال المنزلية ومع ذلك لا تفعلن شيئا مفيدا، وينبه أستاذ علم النفس مثل هذه الأم التي لا تطور اهتماماتها إلى أن أطفالها لن يستفيدوا من بقائها معهم، وقد يعانون مستقبلا من عدم تقدير الذات أو يكونوا عرضة للـ "فوبيا" مثل الخوف من الأماكن المظلمة على سبيل المثال، وأيضا عدم تمتعهم بمهارات اجتماعية جيدة. فإذا كنت اخترت أن تكوني أما متفرغة لتقضي وقتا أطول مع أطفالك، فتذكري دائما أن "قيمة" الوقت الذي تقضينه مع أطفالك أهم من "مدته".

نظمي يومك باختيار ساعتين فقط للقيام بالأعباء المنزلية على سبيل المثال أو تأجيل بعض الأمور التي يمكن تأجلها لليوم التالي، فهذا سيسمح لك بعمل أشياء أخرى. وأحرصي على ممارسة هواية تستمعين بها مثل القراءة أو الرسم أو تعلم رياضة جديدة. وادخلي على الإنترنت، فهناك الكثير من المواقع الخاصة بالأمهات والتي تحتوي على معلومات عن الأمومة، كما يمكنك من خلال الإنترنت محادثة أمهات أخريات.

بعض الأمهات تشعر بالحزن لفقدها راتبها عند تركها لعملها لذلك إذا كانت ميزانية الأسرة تحتمل فاقنعي زوجك بأن تجعلي لنفسك راتبا بشكل منظم، وليس من الضروري أن يكون كبيرا لكن الفكرة نفسها مهمة، وبذلك ستشعرين أنك تنفقين نقودك أنت.

وإذا كنت تفتقدين العمل يمكنك التفكير في مشروع يمكن تنفيذه من البيت أو إيجاد عمل لا يحتاج لوقت كبير أو كثير من الاتصال بالآخرين وذلك ستقضين وقتا في عمل أشياء تحبينها.

وتذكري دائما أن شعورك بالثقة في اختيارك هو ما يؤثر حقا على نظرتك للأمور فأكثر الأمهات المتفرغات شعورا بالرضا هن اللاتي يؤمن أن ما يفعلنه هو الأفضل، ولا أحد ينكر أن عمل المرأة يحسن من تقديرها لذاتها ولكنك كأم متفرغة يمكن أن يكون لديك نفس الشعور، وتأكدي أن شعور أسرتك بالسعادة مرتبط بشكل مباشر بشعورك أنت بالسعادة. 

لمني الشرقاوي