التقليد الأعمى

0


ذهب ذات يوم تاجر فقير ولكنه ظريف إلى الأمير، وأهداه غطاء مائدة من الحرير، فلما كلمه الأمير وجده حاضر الذهن سريع البديهة ظريف العبارة، فسأله من أي البلاد أنت؟ فأجابه التاجر في لباقة من حماه.. حماك الله فسر الأمير، وأمر له بثروة تغنيه جراء لهذه الكلمة البارعة، ولما دخل الرجل إلى مسكنه وهو في حال تختلف كل الاختلاف عن الحال التي خرج بها من بيته، ووراءه البغال تحمل هدايا الأمير، فتجمع الجيران وسألوه في التطلع المألوف والفضول الذي تشتهر به الأحياء القديمة. فروى لهم القصة وكان من بين جيرانه زميل له في التجارة، خيل إليه أن المسألة سهلة، وأن تقليد هذا الشيء لا يكلفه شيء، فأخذ هدية وذهب إلى الأمير، وجعل الأمير يحادثه فوجده فيه غباء يناقض تماما خفة ظل وذكاد صاحبه الثاني، فسأله الأمير من أي البلاد أنت؟ فأجابه بلهفة دون تعقل من حمص.. حمصك الله!! فما لبس الأمير إلا أن الأمر بالأسواط تنهال على ظهره ضربا، ثم ألقوه في الطريق.

فقصة هذا الرجل لا تعني إلا معنى واحد وهو أنه تقليد أعمى، وهذا التقليد الأعمى يسبب الأضرار والمتاعب أكثر مما يجلب لصاحبه النفع والسرور، وإنما المطلوب مجرد الاندماج بين الأذكياء، فإن الذهن الحاضر يمكن أن ينتقل بالعدوى حين تصدق الرغبة ويعظم الاهتمام، ككل تقدم يتحقق بإخلاص النية وحسن الاستعداد.

جمال إبراهيم


-------------------------------------------------

 مقالات أخري 

طرق العناية الأساسية بالشعر الجاف